ردا على حدث اعتقال شابين من قبل النيابة العامة بتهمة الإفطار العلني في نهار رمضان ، أصدر الحقوقي والقاضي السابق محمد الهيني، مقالا يؤكد فيه عدم دستورية القرار.

وقال الهيني في مقاله الذي خصه لهذا الحادث ، إن "تجريم الإفطار العلني في رمضان والعقاب عليه يحيلنا على مسألة حرية العقيدة المكرسة دستوريا، فقد نص الفصل الثالث من الدستور على أن الدولة تضمن لكل شخص حرية ممارسة شؤونه الدينية ،كما نص الفصل (25) أيضا على "حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها ...." مما يشكل تناغما مع المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين"٠

كما وافق المغرب مؤخرا دون أي تحفظ على مشروع قرار أممي تقدمت به أزيد من ستين دولة في مجلس حقوق الإنسان حول حرية الدين أو المعتقد، وذلك ضمن التوصيات الختامية للدورة الخامسة والعشرون، التي احتضنتها مدينة "جنيف" السويسرية، ويشدد القرار الذي تم تمريره بالتوافق دون اللجوء للتصويت، "على حق كل فرد في حرية الفكر والوجدان والـدين أو المعتقـد، بما يشمل حريته في أن يكون أو لا يكون له دين أو معتقد، أو في أن يعتنق ديناً أو معتقـداً يختاره بنفسه، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعليم والممارسة والتعبد وإقامة الـشعائر، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة، بما في ذلك حقه في تغيير دينه أو معتقده".

وهذا ما كرسه الدين الحنيف مصداقا لقول الله عز وجل : "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" (الكهف 29) . وقال: "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً" (الإنسان 3). وقال: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ" (البقرة 256).

وواضح أن هذه الآيات تقرر حرية الإنسان في الاعتقاد، فهو حُر في أن يعتنق الإسلام من عدمه.

وقد سبق للقضاء المغربي أن أقر بحرية المعتقد " حرية الإنسان في دينه وحقه في إقامة شعائره مبدأ إسلامي راسخ ومضمون أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وسائر المواثيق الدولية".

إن المغرب الذي تتوفر تشريعاته على ضمانات في هذا الباب يلتزم في دستوره باحترام حقوق الإنسان ” قرار محكمة الاستئناف بالبيضاء الغرفة الجنحية عدد 12136/15100/93 صادر بتاريخ 14/12/1993منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 98 ص 186.

وتأسيسا على ذلك يكون التجريم والعقاب على الإفطار العلني في رمضان مخالف للدستور والاتفاقيات الدولية لتعلق ذلك بحرية الاعتقاد، وبعلاقة الإنسان بربه، لماذا إذن لا نعاقب تارك الصلاة والممتنع عن دفع الزكاة؟ من الأولى إطعام الجياع والفقراء والمحتاجين أم معاقبة غير الصائمين؟

إنه توجه يتدخل في الحرية الفردية للأشخاص وحرية اعتقادهم بالمخالفة للدستور ولمبادئ الشرع الإسلامي السمح، فما هو وجه الضرر من إفطار الشخص أو صيامه على مصالح الأمة، لأنه وحده الذي يستفيد أو يضار منه في علاقته بخالقه ؟ إن الله لم يخولنا مراقبة عقائد الناس وأفكارهم، طالما أنها لا تضر بالمصلحة العامة أو بمصالح أشخاص آخرين حينما تتخد مظهرا ماديا وهذا لا يدخل فيه أبدا الإفطار.

المصدر : http://www.chnotra.com/


إرسال تعليق

 
Top